الأحد، 30 مارس 2008

اضرابات

عمال غزل المحلة اضربوا عن العمل لزيادة الحوافز

عمال الحديد والصلب اضربوا لنقص الحوافز

موظفو الضرائب العقارية اضربوا للانضمام لوزارة المالية

الاطباء اضربوا من اجل الكادر

واخيرا وليس اخر أساتذة الجامعات اضربوا لتحسين ظروفهم المالية

لم نلاحظ ان ايا من هؤلاء أضرب من اجل قضية عامة تمس جموع المواطنين بل الهدف هو اصحاب مهنتهم ومؤسستهم فقط ولاشىء اخر!

كما لم نلاحظ ان كل هذه الاضرابات لم تدفع بجموع الناس الى التحرك وكأن الامر لايعنيهم من قريب او بعيد.

ماذا يمكن ان نستشف من ذلك؟

1) ان الشعب المصرى لازال مؤمنا بتلك الثقافة"الأناملية" والانانية استنادا الى مبدا"انا ومن بعدي الطوفان" والى مبدا"ان جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك".

2) ان الشعب المصرى لن يحركه من دركه القابع فيه سوى شىء واحد فقط وهو المساس بلقمته فى حدها الادنى.. ومادامت هذه اللقمة متوفرة حتى لو كانت بغير كرامة فلا تنتظر منه شيئا... لأن هذه اللقمة المغموسة بالمهانة هي اقصى طموحاته واكبر احلامه.. (انظر الى وسيلة حل كل هذه الاضرابات وهو مجرد عطاء بسيط ومحدد ودون حل جوهري لأصل المشكلة.. بمعنى عطاء باليد اليمنى وسلب بالاخرى.

3) قدرة الحكومة على فهم هذه الحقيقة السابقة... فرغم مايرتكبونه بحق هذا الشعب الغلبان من نهب وغلاء وتقصير وما الى ذلك، إلا أنهم نجحوا فى الوصول الى معادلة جيدة يضمنون بها استمرار حكمهم وفي الوقت ذاته استمرار نهبهم .. وهذه المعادلة تتحدد طرفاها في: عدم تجويع الناس حتى لاينفجروا... وعدم إشباعهم حتى لايتمردوا!!!

وهي حقيقة تجدها في كل شىء فى حياتنا.. وانظر حولك تتأكد من ذلك.

4) قضية أو معاناة الفرد العادى او مجموعة افراد متفرقين لاتجمعهم مؤسسة ولايربطهم رابط، غير منظورة، ولايعرف عنها احد شيئا، ولن تجد لها حلا مطلقا.. فرغم سلبيات الاضرابات السابقة والتى لاتعبر الا عن فئة من المواطنين، الا انها افضل كثيرا فى التعبير عن نفسها بالمقارنة بمواطن لايجد سبيلا لحل مشكلته الخاصة( شقة محدودة،وعمل بسيط، تعرضة لظلم او اضطهاد....الخ) لأنه لايملك وسيلة لتوصيل رأيه ومعاناته لمن يستطيع ان يرفعها عنه ...هذا بافتراض ان هناك من يفعل ذلك؟!

5) ان الشعب المصرى وانا وانت واحد اواثنين منهم ولايمكن لنا ان نتبرأ من ذلك، على الاقل حتى الآن .. لديه قدرة عجيبة على تحوير الامور والبعد بها عن حقيقتها.. فبدلا من ان يضرب هؤلاء عن العمل لمجرد اسماع اصواتهم والمطالبة بجزء من حقوقهم المهدورة .. كان عليهم اتخاذ مواقف اكثر حسما من ذلك ويحملوا مسؤولية تردي اوضاعهم للمسؤول الاكبر عن ذلك وليس المسؤول المباشر بمعنى ان المضربين كان عليهم الا يتجهوا الى مجرد مدير مصنع او وزير مالية ولاحتى حكومة.. وانما للمسؤول عمن عين هؤلاء وجعلهم مسؤولين فاشلين.. فالمصريون لا يفلحون الا فى تعذيب انفسهم .. انظر مثلا لازمة طوابير العيش.. فالغضب لاينصرف الا لصاحب الفرن وربما مفتش التموين.. رغم ان الاثنين قد لايكونوا مسؤولين عن اصل الازمة ولكنها عادة المصريين..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق