الجمعة، 11 أبريل 2008

اضرابات وانتخابات بـ"التسقية" التزكية سابقا

الناس خرجت للشارع، قد يكون بشكل محدود... فالجميع منشغل أو خايف، ولكن هذا لا يقلل من حقيقة ان الناس عرفت وخرجت للشارع وهي دي البداية..
مايؤكد ذلك ايضا موقف الشارع نفسه مما سمي انتخابات محلية التي فاز فيها الحزب الوطني الحاكم بالتسقية او التزكية، ايهما اصلح، من قبل ان تعقد اصلا... المهم ان نتيجة الاقبال وليس نتيجة التصويت كانت فضيحة بكل المقاييس العلمية والموضوعية وحتى الباذنجانية..مفيش حد راح اصلا واللى راحوا كانوا مدفوعين بشكل او بآخر سواء على مستوى المنطقة التى اسكن فيها او على مستوى البلد ككل من خلال متابعتي لصحف المعارضة او المستقلة يوميا... وانا شخصيا لي معيار احدد على اساسه مدى الاقبال وهو مدى المواجهة بين الامن من مرشدين ومباحث وقوات خاصة وبلطجية وبين الراغبين فى التصويت وحماية صناديق الانتخابات او الاقتراع على حد وصف الصحف الخليجية والشامية.. وفى الحقيقة ان هذه المواجهات لم تحدث مطلقا سواء في الحي السكني الذي اعيش به وهو مشهور بحدة المواجهة مثلما حدث فى انتخابات مجلس الشعب 2005 او فى الاحياء المشهورة بذلك في مصر كلها.
وما حدث لم يكن اكثر من امتدادات لصخب الدعوة للتظاهر والاضراب، خاصة فى المحلة الكبرى.. وربما هذا الهدوء المشوب بالحذر يفسره اكثر من عامل:
الاول: ان 44 الف مقعد من مقاعد المجالس المحلية البالغة 53 الف تم حسمها بـ"التسقية" اقصد بالتزكية لصالح الحزب الحاكم .. الغريب ان الـ1% الباقية من المقاعد المتاحة للمنافسة لم تكن كذلك بالمرة على خلفية مقاطعة الاخوانجية لها قبل يوم واحد من انعقادها بعد ان تأكدوا ان الـ20 الف من مرشحيها صفصفوا، ان صح هذا التعبير، عن 20 فقط، إذ لم تُقبل اوراق هؤلاء للترشيح اصلا رغم انهم حصلوا على احكام قضائية عاجلة وواجبة النفاذ بوقف الانتخابات وبسرعة قبول اوراق مرشحيهم( تصريحات تقول انها 4 الاف حكم وتصريحات بانها 969 حكم) مش عارفين الصح والصدق فين!!!
وعلى الأساس ده الناس هتعلن غضبها وتتظاهر ليه... حتى الجهة المعنية بالغضب وهم الاخوانجية هايتظاهروا ليه.. فالأمور حُسمت... وبات الناس يدركون انتهازتيهم رغم ان لي تعليق على ذلك- فمع مطالبة البعض لها بمقاطعة الانتخابات اصرت على المشاركة رغم حجم الاعتقالات التي جرت فى صفوفها وفي الآخر انسحبوا.. طيب بعد ايه.. ما كان من الأول عشان يضمنوا تأييد الشارع لهم، الامر الذي يؤكد ان لهم اجندة خاصة بالفعل بصرف النظر عن بقية القوى وهي دي مشكلة الاخوانجية من زمان .
الثاني: الامن كالعادة سيطر على الاوضاع وبصراحة الواحد مش عارف بيجيبوا الناس دي كلها منين وبأشكال غريبة كأنهم من كواكب اخرى.. قسمات وجوههم متحفزة مستنفرة وكأن على رؤوسهم الطير ولا يرقبون في احد إلاٌ ولاذمة رغم انهم اخوانا واهالينا.. إلا ان وجودهم كلهم في مكان واحد وعينهم على الجميع بشكل غريب تؤكد انهم ليسوا كذلك.. هل هم متوترين وخايفين ام انهم واثقين من انفسهم ومما يقوموا به.. مش عارف.. ولكن الحقيقة ان الوجود الامني بهذه الكثافة لا يعني الا شيئا واحدا وهو نجاح الدعوة للإضراب والتظاهر والخوف الحكومي من الجماهير او الناس.. المهم انهم ضمنوا السيطرة على الاوضاع وأشاعوا الرعب في الناس وحققوا هدفهم بشكل او بآخر وهو السيطرة عليهم.. ولذلك كان الهدوء النسبي عدا المحلة بالطبع... لكن من ناحية اخرى بات التحفز والاستعداد الامني قائم لأي طارىء مستقبلا ومن ثم فإن الاخطاء واردة ايضا وبالتالي حدوث مواجهات اشد خطرا في الفترة المقبلة امر متوقع بل منتظر.. والغد القريب سيؤكد ذلك.
الثالث: نجاح عمال المحلة في الحصول على شيء من الحكومة.. وتلبية جزء من مطالبهم.. الشهر اللي خدوه مكافأة..اللي عاوز حاجة دلوقت من الحكومة يخوفها ويعملها إضراب.. ولكن هناك قضيتين ينبغي مناقشتها الأولى ان الحكومة قادرة علي اللعب سياسيا.. فتحت دعوى ان العمال لم يشتركوا في التخريب حاولوا يكسبوهم سياسيا بالمكافأة وادوهم الشهر وزارهم نظيف واحتمال جمال مبارك يزورهم.. رغم ان بداية الإضراب كانت منهم ومؤكد ان بعضهم اشترك في المواجهات الأخيرة او على الأقل بسببهم.. المهم ان الحكومة امتصت غضب الناس بشكل او بآخر.. بس المفروض يكون ده من الاول .. المهم ان ده نجاح انعكس بنجاح آخر للعمال وحصولهم على شيء مما يحتاجونه من عين الحكومة.. القضية الثانية خاصة بانتهازية المصريين عموما ودي حقيقة ولا أحد يستطيع ان ينكرها، ومايؤكد ذلك الفرح اللي اتعمل بعد زيارة نظيف للمصانع في المحلة وكأن الشهر المكافأة والزيادة أنستهم اصل المشكلة وهو الغلاء ورفع المستوي المعيشي وما الى ذلك..
الواضح ان الجميع خايف ..الامن والحكومة خايفين من غضب الناس والناس خايفة من بطش الامن وعدم رضا الحكومة.. وعشان كدة الجميع بيرضى بالحد الادنى ودون البحث عن حلول جوهرية لأصل المشاكل.. فالأمن اقصى مايتمناه ألا تصل المواجهة إلى حد تهديد كبار مسؤوليه بالعزل وفضيحة الدولة او الحكومة أمام الرأي العام العالمي... والحكومة همٌها الوحيد ألا تخضع سريعا لرغبات الناس ولا تنفذها كلها وإنما مجرد المطاوحة ثم رمي الفتات(الشهر المكافأة).. ثم البحث عن الغنيمة الاكبر ألا وهي ضمان فوز قوائمها بالمحليات(الحكومة ليها استراتجية عندما تريد تمرير شيء مرفوض وتقوم على إلهاء الناس وتخويفهم وإشغالهم بحاجة ثم تنفذ الهدف الأكبر) لأنها بذلك تضمن تأييد الـ 140 عضو في المحليات فى 10 محافظات الموكول إليهم تسمية الرئيس المقبل بجانب 65 نائبا في الشعب و 25 في الشوري.. تخطيط على كبير قوي.. والناس لانتهازيتها بتقول.. "أحسن من مفيش".. وهذه هي الخلاصة رغم أنهم سيبقون في الازمة طويلا ودون حل.. هي دي مشكلتنا من زمان .." الرضا بالمقسوم عبادة" رغم أن الطموح في ذاته مشروع والسعي وتحسين الأوضاع مطلوب.. فلماذا الرضا بالفتات؟! ولله الحمد علي كل حال وفي الأولى والآخرة.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق