يحار المرء عندما يرى هذا الولع بمصر لتكون ضمن الفريق العامل أوالمختص بمحاربة داعش...
وكأن هذه المواجهة مع هذا الكيان الشبح، التي يراها كثيرون مفتعلة ولا تستوجب حتى النظر إليها والاهتمام بها، لا يمكن لها أن تدور رحاها، ولا أن تتم، ولا أن تنجح دون مشاركة القاهرة باعتبارها الدولة الرائدة في مكافحة الإرهاب والإرهابيين...
تزداد هذه الحيرة لتصبح ارتباكا عندما نسمع أن مسؤولين موريتانيين يلتقون بنظرائهم في القاهرة لبحث أوجه العلاقات الثنائية المشتركة، هذا بالرغم من أننا لم نسمع منذ سنوات عن مباحثات يمكن أن تجمع في هذا التوقيت بالذات بين مسؤولين مصريين وموريتانيين..
يضاف لذلك أن القاهرة غابت عن أفريقيا طويلا، ولا تملك حتى الرغبة في "عدم التخلي" عن "فك" ارتباطها بالقارة السوداء، مع انتمائها الأصيل لها، فكيف هو الحال عندما تتباحث مع مسؤولين موريتانيين أفريقيين...
يصل الارتباك إلى ذروته ليصير قلقا وخوفا بعد أن تردد على استحياء نبأ الاتفاق الأمني الذي أبرمته القاهرة مع نظام مهدد بالسقوط بجوارها بالنظر لحالة الاحتراب الداخلي التي تعم الساحة الليبية الآن، ويقف فيها النظام هناك موقف العاجز الذي ينتظر مد يد العون له، وهو على شفا الانهيار من داعش وأخواتها...
يأتي كذلك قرار الإفراج عن أحد النشطاء دون غيره، ثم لاحقا إحدى الناشطات، ما يثير الدهشة والتساؤل معا، بعد الحيرة والارتباك، حول تطورات المشهد المصري الحالي، وماذا يُرتب له في ظل حالة الاستنفار القائمة لزيارة الرجل لرئيسة مجلس إدارة العالم:
ـ لماذا تم إطلاق سراح هذين الشخصين دون غيرهما من المحكوم عليهم بالتهم ذاتها، وهي التظاهر رغم أنف قانون غير دستوري تصر الدولة على عدم تغييره، ورغم أنف المضربين على سلم نقابة الصحفيين، الذين تذكروا أخيرا أنه يُفعل بهم الآن أكثر مما فُعل بهم في أوقات سابقة...
ـ هل هناك ارتباط ما بين إضراب هذا الناشط وغيره عن الطعام احتجاجا على القانون ومن ثم إطلاق سراحه من جهة، وزيارة وزير الخارجية الأميركي للقاهرة مؤخرا ولقائه كبار المسؤولين هناك لحشد الدعم المصري وراء التحالف الدولي ضد الإرهاب من جهة ثانية، حيث نعود ثانية لما بدأنا به هذه التدوينة التي يصاحبها دخا أزرق صاعد من رؤؤسنا...
ثم أخيرا، وليس آخر، تجيء زيارة صاحبنا المفاجئة لوحدات التدخل السريع، التي قيل أنه أنشأها قبل توليه منصبه، وكأن مثل هذه الوحدات لم تكن موجودة من قبل، أو على الأقل نواة لها، ما يدعو للتفكير حول:
ـ أسباب مثل هذه الزيارة التي تتم فجرا، باعتباره كائنا نهاريا، وليس ليليا، ويتم الإعلان عنها لأول مرة في محاولة للاحتفاء بها..
ـ هل لذلك علاقة بأدوار يمكن أن تقوم بها هذه الوحدات مستقبلا بالنظر إلى حالة الولع بمصر وبدورها في محاربة الداعوشيين في المنطقة، وبالأخص في الجوار الليبي...
ـ هل يمكن أن تكون علامة تحية وتقدير وتهنئة بعمليات سابقة قامت بها هذه الوحدات، ولا يعرف المصريون عنها شيئا، أم إنها إيذان للرأي العام بوجود محتمل لها على الخارطة في الفترة القادمة سواء في الداخل أو في الخارج..
أحداث ومستجدات تفرض أسئلة قد لا تجد لها إجابات شافية، ولا نملك غير مجرد رصدها لندع الأيام تجيب عنها، وربما يساعد الجمع بين الأضداد في فهم شيء ربما حدث أو سيحدث في قابل الأيام..
تساؤلات تجعل أمخاخ المتشككين ـ دوما من أمثالنا ـ تسبح في فضاء الخيالات والربط بين أشياء ربما لا يوجد بينها رابط ولا معنى غير في أذهاننا الحافلة بضلالات ووساوس الكائنات الفضائية المقيمة بجوارنا، والمؤمنة أيضا ـ أي هذه الأذهان ـ إيمانا لا يتزعزع بنظريات المؤامرة علينا وعلى مصائرنا...
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق