كله مع نفسه!!
تثير قضية مقاطعة احد الطلاب حديث رئيس الوزراء اثناء الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة يوم 21\4 ومطالبته، اى الطالب،الدولة بالافراج عن شباب الفيس بوك المعتقلين على خلفية اضراب 6\4، العديد من الملفات المسكوت عنها سياسيا واجتماعيا والتى تمس من وجهه نظري صميم ثقافتنا وطريقة تربيتنا منها:
1) لايحق لأحد، ايا كان، ان يناقش ويعترض ويقاطع الكبير، حتى لو كان هذا الأخير كبيرا فى عناده وخطأه ومصرا على التمادي فيه ورافضا خروج احد عليه لينبهه، مجرد التنبيه، بخطأ قراراته وضعف سياساته.. هذا بالرغم من انه يحق للمأموم فى صلاة ربنا الرد على الإمام إذا ما اخطأ فى أحد أركان صلاته او فى القراءة او ما الى ذلك.. فكيف يكون الأمر عكس ذلك في موضوع دنيوي بحت يستوجب الأخذ والرد.. ويبدو ان الأمر يعبر عن ثوابت راسخة في الثقافة السياسية للنخبة الحاكمة في مصر وغيرها من دول العالم الثالث.. ويذكرني في ذلك الكثير من الأحاديث التي تداولتها بعض الكتابات بشأن مايحدث داخل أروقة الحكم في مصر تحديدا حيث لايحق لأحد من الكبار ان يقاطع كبير الكبراء الذي له كل الحق في ان يحظى بتسليم كامل لكل ما يقوله حتى لو كان نموذجا مجسدا للخطأ.
2) بمفهوم المخالفة فإن للكبار الحق في رد المقاطعين بعنف وقسوة، ورفض اي حديث يطرحونه بدعوى انه بمثابة تجاوز وخرق للعادات والتقاليد والأعراف المتبعة والتي تقضي باحترام الكبير حتى لو كان سفيها او لا يستحق الاحترام.. وهذا الأمر يتم تكريسه في تربيتنا وجذور نشأتنا الأولى فيما يعرف بالثقافة الرعوية والتربية الأبوية والتي تفرض على الابن والبنت ان يلتزم بكل مايقوله ولي الامر، أيا ما كان، والدا او والدة او عما او خالا اومدرسا او مديرا او كل ذلك.. وكأن هؤلاء جميعهم انبياء او ملائكة لايأتيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم.. رغم ان منهم من لايستطيع إدارة اموره الشخصية وقد يكون اصغر افراد العائلة يملك القدرة على إدارة شأن اسرة بكاملها.. وهكذا الحال على مستوى الوطن ككل فقد يكون من بين المواطنين من يستطيع امتلاك زمام الأمر بالمقارنة بالموجودين على رأس السلطة في مواقعها المختلفة الذين رغم التأكد من ضعفهم وفشلهم الا انهم يصرون على الاستمرار في القيادة وعقاب من يأبى قيادته الخاطئة ...ويذكرني في ذلك ايضا بما سمعناه عن الرئيس الراحل الذي اعترض وبقوة على احد الناشطين الشباب وقتها عندما ذكره بالحريات وهو ما اشار اليه طالبنا فى هذه المرة عام 2008 ولكن امام رئيس الوزراء.
3) عقاب المعترض وبث الخوف والرعب في نفسه وكل من حوله، وهي ثقافة اصيلة في مجتمعنا يابني عيش عيشة اهلك يابني ابوك بيكمل عشاه نوم يابني امشي جنب الحيط وياريت جواه وهكذا .. فالتهديد بالعقاب وقطع الارزاق وحرق اليدين ومنع الفسح وعدم الخروج وما الى ذلك من وسائل معروفة، نؤمن بها جميعا ونطبقها بشكل او بآخر في المستويات الدنيا من حياتنا.. وهو ماحدث مع طالبنا موضوع هذا المقال، حيث أشير إلى انه تعرض لمحاولة الفتك به وتقليبه وتثبيته باللفظ الأمني،فإثر انتهاء المحاضرة التي ألقاها" نظيف" سرعان ماتم الالتفاف على الشاب للتأكد من انه ليس ارهابيا! ولاينوي شرا، كما انه سرعان ماتعرض للتوقيف والإحالة لمكتب حرس الجامعة الذي قيل انه تم التأكد من اوراقه.. ولكن الحقيقة انه" يُعلم" بمعنى الحصول على بياناته كاملا لإعداد ملف عنه وعن اهله ولايستبعد استدعائه قريبا للمباحث او لأمن الدولة لمعرفة من ورائه.. بمعنى آخر "هايتبهدل".. والهدف بالطبع واضح وهو جعله عبرة لكل الشباب الراغب في التعبير عن نفسه.. وبالتأكيد سيخرج الشاب من التجربة إما ناقما على مجتمعه او مهزوزا وفي كلا الحالتين فإن الشاب قد ضاع.. وهذا هو المطلوب أمنيا او سياسيا.
أتذكرون إسراء ونادية، المتهمتان بالدعوة للإضراب واللتان تم الإفراج عنهما بقرار من النائب العام ورغم ذلك اعتقلتا ولم يفرج عنهما إلا مؤخرا بدعوى اللفتة الإنسانية.. المهم ان الاولى جالها اكتئاب وضغطها ارتفع وكفرت بالسياسة وقالت حرًمت والثانية بعد ما خرجت اكدت إن مالهاش دعوة بالسياسة وان الفيس بووك لعب عيال .. المهم ان الرسالة وصلت .. بمعنى ان التنين اتقرصت ودانهم..وهذا هو المطلوب.
فالهدف من القبض على اسراء ونادية هو جعلهما عبرة ومثل..بنات وبنين في مقتبل العمر ومن بيئة تحت المتوسطة مثل الغالبية العظمى مننا وتعود بجذورها إلى اصول ريفية فيها الحرام والعيب من المقدسات،وهي فوق كل ذلك غير متزوجة وليس لها اي سجل سياسي معروف غير مجرد الانتماء الى حزب لم نعرف عنه حركيته او قوته فى الشارع.
فالقبض على البنات والشباب عموما والإصرار على رفض الافراج عنهم رغم قرار النائب العام بذلك هو ايصال رسالة لكل الشباب بعدم الاقتراب او حتى التصوير، لاتدلى برأي، لاتعبر عن غضبك وإحباطاتك، لاتأمل في تحسن للأوضاع.. هم عاوزينها كدة، لاتشارك الغير ولو بكلمات..كله مع نفسه..التجمع ولو على النت ممنوع.
وفي الآخر ربنا يسترها على الطالب المعارض!!
تثير قضية مقاطعة احد الطلاب حديث رئيس الوزراء اثناء الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة يوم 21\4 ومطالبته، اى الطالب،الدولة بالافراج عن شباب الفيس بوك المعتقلين على خلفية اضراب 6\4، العديد من الملفات المسكوت عنها سياسيا واجتماعيا والتى تمس من وجهه نظري صميم ثقافتنا وطريقة تربيتنا منها:
1) لايحق لأحد، ايا كان، ان يناقش ويعترض ويقاطع الكبير، حتى لو كان هذا الأخير كبيرا فى عناده وخطأه ومصرا على التمادي فيه ورافضا خروج احد عليه لينبهه، مجرد التنبيه، بخطأ قراراته وضعف سياساته.. هذا بالرغم من انه يحق للمأموم فى صلاة ربنا الرد على الإمام إذا ما اخطأ فى أحد أركان صلاته او فى القراءة او ما الى ذلك.. فكيف يكون الأمر عكس ذلك في موضوع دنيوي بحت يستوجب الأخذ والرد.. ويبدو ان الأمر يعبر عن ثوابت راسخة في الثقافة السياسية للنخبة الحاكمة في مصر وغيرها من دول العالم الثالث.. ويذكرني في ذلك الكثير من الأحاديث التي تداولتها بعض الكتابات بشأن مايحدث داخل أروقة الحكم في مصر تحديدا حيث لايحق لأحد من الكبار ان يقاطع كبير الكبراء الذي له كل الحق في ان يحظى بتسليم كامل لكل ما يقوله حتى لو كان نموذجا مجسدا للخطأ.
2) بمفهوم المخالفة فإن للكبار الحق في رد المقاطعين بعنف وقسوة، ورفض اي حديث يطرحونه بدعوى انه بمثابة تجاوز وخرق للعادات والتقاليد والأعراف المتبعة والتي تقضي باحترام الكبير حتى لو كان سفيها او لا يستحق الاحترام.. وهذا الأمر يتم تكريسه في تربيتنا وجذور نشأتنا الأولى فيما يعرف بالثقافة الرعوية والتربية الأبوية والتي تفرض على الابن والبنت ان يلتزم بكل مايقوله ولي الامر، أيا ما كان، والدا او والدة او عما او خالا اومدرسا او مديرا او كل ذلك.. وكأن هؤلاء جميعهم انبياء او ملائكة لايأتيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم.. رغم ان منهم من لايستطيع إدارة اموره الشخصية وقد يكون اصغر افراد العائلة يملك القدرة على إدارة شأن اسرة بكاملها.. وهكذا الحال على مستوى الوطن ككل فقد يكون من بين المواطنين من يستطيع امتلاك زمام الأمر بالمقارنة بالموجودين على رأس السلطة في مواقعها المختلفة الذين رغم التأكد من ضعفهم وفشلهم الا انهم يصرون على الاستمرار في القيادة وعقاب من يأبى قيادته الخاطئة ...ويذكرني في ذلك ايضا بما سمعناه عن الرئيس الراحل الذي اعترض وبقوة على احد الناشطين الشباب وقتها عندما ذكره بالحريات وهو ما اشار اليه طالبنا فى هذه المرة عام 2008 ولكن امام رئيس الوزراء.
3) عقاب المعترض وبث الخوف والرعب في نفسه وكل من حوله، وهي ثقافة اصيلة في مجتمعنا يابني عيش عيشة اهلك يابني ابوك بيكمل عشاه نوم يابني امشي جنب الحيط وياريت جواه وهكذا .. فالتهديد بالعقاب وقطع الارزاق وحرق اليدين ومنع الفسح وعدم الخروج وما الى ذلك من وسائل معروفة، نؤمن بها جميعا ونطبقها بشكل او بآخر في المستويات الدنيا من حياتنا.. وهو ماحدث مع طالبنا موضوع هذا المقال، حيث أشير إلى انه تعرض لمحاولة الفتك به وتقليبه وتثبيته باللفظ الأمني،فإثر انتهاء المحاضرة التي ألقاها" نظيف" سرعان ماتم الالتفاف على الشاب للتأكد من انه ليس ارهابيا! ولاينوي شرا، كما انه سرعان ماتعرض للتوقيف والإحالة لمكتب حرس الجامعة الذي قيل انه تم التأكد من اوراقه.. ولكن الحقيقة انه" يُعلم" بمعنى الحصول على بياناته كاملا لإعداد ملف عنه وعن اهله ولايستبعد استدعائه قريبا للمباحث او لأمن الدولة لمعرفة من ورائه.. بمعنى آخر "هايتبهدل".. والهدف بالطبع واضح وهو جعله عبرة لكل الشباب الراغب في التعبير عن نفسه.. وبالتأكيد سيخرج الشاب من التجربة إما ناقما على مجتمعه او مهزوزا وفي كلا الحالتين فإن الشاب قد ضاع.. وهذا هو المطلوب أمنيا او سياسيا.
أتذكرون إسراء ونادية، المتهمتان بالدعوة للإضراب واللتان تم الإفراج عنهما بقرار من النائب العام ورغم ذلك اعتقلتا ولم يفرج عنهما إلا مؤخرا بدعوى اللفتة الإنسانية.. المهم ان الاولى جالها اكتئاب وضغطها ارتفع وكفرت بالسياسة وقالت حرًمت والثانية بعد ما خرجت اكدت إن مالهاش دعوة بالسياسة وان الفيس بووك لعب عيال .. المهم ان الرسالة وصلت .. بمعنى ان التنين اتقرصت ودانهم..وهذا هو المطلوب.
فالهدف من القبض على اسراء ونادية هو جعلهما عبرة ومثل..بنات وبنين في مقتبل العمر ومن بيئة تحت المتوسطة مثل الغالبية العظمى مننا وتعود بجذورها إلى اصول ريفية فيها الحرام والعيب من المقدسات،وهي فوق كل ذلك غير متزوجة وليس لها اي سجل سياسي معروف غير مجرد الانتماء الى حزب لم نعرف عنه حركيته او قوته فى الشارع.
فالقبض على البنات والشباب عموما والإصرار على رفض الافراج عنهم رغم قرار النائب العام بذلك هو ايصال رسالة لكل الشباب بعدم الاقتراب او حتى التصوير، لاتدلى برأي، لاتعبر عن غضبك وإحباطاتك، لاتأمل في تحسن للأوضاع.. هم عاوزينها كدة، لاتشارك الغير ولو بكلمات..كله مع نفسه..التجمع ولو على النت ممنوع.
وفي الآخر ربنا يسترها على الطالب المعارض!!
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق